زواج الأطفال هو نتاج للمعتقدات والممارسات الثقافية والاجتماعية والدينية المتشابكة مع المصاعب الاقتصادية وعدم الاستقرار السياسي والنزاع والتشريد. وتعد الفتيات الفقيرات والفتيات من المجتمعات الريفية أو البلدان المتضررة من النزاع، وكذلك الفتيات اللواتي تركن المدرسة معرضات بشكل خاص لزواج الأطفال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
ووفقا لليونيسف، انخفض معدل انتشار زواج الأطفال من الفتيات في المنطقة من واحدة من كل ثلاثة في عام 1990 إلى واحدة من كل خمسة في عام 2015. ولكن، أعاقت التحديات السياسية والاقتصادية خلال العقد الماضي استمرار هذا التقدم. في عام 2019، تزوجت 18٪ من الفتيات في المنطقة قبل سن 18 و 4٪ قبل سن 15 عاماً
من الناحية القانونية، تسمح العديد من دول المنطقة بزواج الأطفال بموافقة الوالدين أو بإذن من المحكمة. في الأردن على سبيل المثال، في حين أن السن القانوني القياسي لزواج الفتيات هو 18 عامًا، فإنه يُسمح بالزواج عند 15 عامًا بموافقة قضائية. كما تُطرح قضية مماثلة في المغرب في هذا السياق، فبينما تم رفع الحد الأدنى لسن زواج الفتيات إلى 18 سنة في قانون الأسرة لعام 2004، تم منح القضاة السلطة التقديرية للترخيص بزواج من هم دون سن 18 عاماً
تستند هذه القصة إلى تقرير بحثي صادر عن اكبات انترناشونال.
تلعب مجموعة من المعتقدات الاجتماعية والتقليدية في المنطقة دورًا حاسمًا في تمكين زواج الأطفال. أحد الأمثلة هو العلاقة المتصورة بين شرف العائلة و “نقاء” المرأة. تقود هذه المعتقدات العائلات، وخاصة الذكور، إلى الاعتقاد بأنها تحمي شرف العائلة من خلال ضمان عدم تلويث النساء والفتيات بأي نشاط جنسي.
يمكن أن تؤدي مثل هذه المعتقدات إلى إجراءات تؤثر على حقوق الفتيات وفرصهم . فقد تؤدي مثلاُ إلى الحد من تحركاتهن أو منعهن من طلب المساعدة في الحالات التي تتأثر فيها سمعة العائلة
في تعليق لها عام 2016 على المملكة العربية السعودية، أعربت لجنة حقوق الطفل عن قلقها
يساورنا قلق بالغ من أن الدولة الطرف لا تزال لا تعترف بالفتيات كأشخاص كاملات الحقوق، وتواصل التمييز ضدهن بشدة في القانون وفي الممارسة العملية، وتفرض عليهن نظاماً لوصاية الذكور يحدد كيفية تمتعهن بمعظم الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية
وتؤيد بعض العادات الاجتماعية، التي كثيراً ما يحافظ عليها القانون الديني والتقاليد، الفكرة القائلة بأنه ينبغي معاقبة ضحايا الاعتداء الجنسي من الإناث على ممارسة البغاء خارج إطار الزواج. وهذا يمكن أن يبرر بشكل مدمر إجبار ضحايا الانتهاكات على الزواج من الجناة.
تؤثر أوجه عدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية على مستويات زواج الأطفال في المنطقة. وتعد الدول ذات أعلى مستويات زواج الأطفال هي إما أقل البلدان نمواً، الدول الفقيرة، أو الدول المتضررة من نزاعات مثل السودان واليمن والعراق
كما توجد هناك اختلافات كبيرة في معدلات زواج الأطفال بين المناطق الريفية والحضرية في العديد من الأماكن. وتبين الإحصاءات الصادرة عن اليونيسف إلى أن 27٪ من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 20 و24 عامًا كن قد تزوجن قبل سن 18 عامًا في المناطق الريفية مقارنة بـ 13٪ في المناطق الحضرية
في مصر، على سبيل المثال، تعد أرقام معدلات زواج الأطفال أعلى بثلاث مرات في المناطق الريفية من غيرها بسبب الممارسة التقليدية للزواج “العرفي”، إضافة إلى أسباب أخرى . والزواج “العرفي” هو زواج غير رسمي لا يتم تسجيله رسميًا. وعلى الرغم من كونها غير قانونية، تسمح هذه الممارسة في نهاية المطاف بزواج الأطفال
يبلغ معدل تسجيل المواليد الرسمي في شمال إفريقيا والشرق الأوسط 92٪ للأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات. ومع ذلك، وفقًا لبيانات اليونيسف، ففي حين يتم تسجيل 96٪ من الأطفال في المجتمعات الحضرية عند الولادة، فإن 87٪ فقط يتم تسجيلهم في المجتمعات الريفية. ويؤدي غياب الوثائق الرسمية إلى زيادة ضعف الطفل، بما في ذلك تعرضه للاستغلال الجنسي
وفي أوقات الحروب والنزاعات، يصعب من الصعب جداً الحصول على شهادة ميلاد، وهو أمر بالغ الأهمية للأطفال اللاجئين للحصول على حقوقهم. ويمكن أن تؤدي هذه التحديات باللاجئين إلى شراء وثائق مزورة. وفي بعض الحالات، تكون لدى الفتيات شهادات تبين سناً أكبر من سنهن الحقيقي مما يعرضهن لخطر أعلى لزواج الأطفال
ومع تزايد عوامل مثل الفقر وانعدام الأمن وعدم الاستقرار أثناء الحروب والنزاعات، ترى بعض الأسر أن زواج الأطفال هو السبيل الوحيد لمواجهة المصاعب الاقتصادية
خلال النزاع في اليمن، ارتفعت معدلات زواج الأطفال من 50٪ إلى نسبة مقلقة بمعدل ٪66
كما يعد زواج الأطفال أكثر شيوعاً في المحافظات السورية التي تستضيف أعداداً كبيرة من النازحين. وبالمثل، كشفت دراسة أجرتها اليونيسف في الأردن عام 2014 أن حالات زواج الأطفال المسجلة بين اللاجئين السوريين ارتفعت من 12% في عام 2011 إلى 31.7% في الربع الأول من عام 2014.
يتم استخدام زواج الأطفال كسلاح من أسلحة الحرب. فقد سلطت عدة تقارير عن الأزمة في سوريا والعراق واليمن الضوء على قضية اختطاف الفتيات للزواج من الجنود. في عام 2014، أشار اللاجئون في مخيم كوباني في تركيا إلى أن الأسباب الرئيسية لفرار الناس هي حماية بناتهم من العنف الجنسي والزواج القسري من الجنود المسلحين.
وفي العراق، اختطف تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام منذ عام 2014 آلاف النساء والأطفال من جماعات الأقليات العرقية. وتعد النساء والفتيات الإيزيديات أكثر عرضةً الاختطاف والاتجار. ووفقاً لملاحظات لجنة حقوق الطفل لعام 2015، فقد تم استخدام الفتيات في العراق أيضًا “كهدايا” أو “أدوات مساومة” من قبل القبائل المختلفة وتم بيعهن والاتجار بهن داخل البلاد وخارجها.
اقرأ أيضًا:
➤ الاستغلال الجنسي للأطفال في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
➤ الفتية أقوياء – الفتيات طاهرات
➤ الحروب والنزاعات تخلقان مساحة للمواقف الخطيرة تجاه الأطفال الضعفاء